محمد يونس: تأثير تغير المناخ يشمل كل القطاعات.. والدول النامية الأكثر تضرراً

محمد يونس: تأثير تغير المناخ يشمل كل القطاعات.. والدول النامية الأكثر تضرراً
أستاذ الإقتصاد، محمد يونس

 

يونس:

الظواهر المناخية المتطرفة تؤثر على نمو وإنتاج المحاصيل 

مصر نفذت العديد من المشروعات ضمن رؤية وقائية استعداداً لانعكاسات محتملة لظاهرة المناخ عليها بأي صورة

ظواهر المناخ تؤثر على الأمن الغذائي للبشر المتمثل في ندرة المياه وتملح الأراضي الزراعية وتدمير المحاصيل 

التغيرات المناخية ستؤثر على الثروة الحيوانية وقطاع الطاقة 

قال عميد كلية التجارة بجامعة الأزهر وأستاذ الاقتصاد، محمد يونس: "إن البحث عن حلول للتغير المناخي كشف عن محدودية طرق التعامل التقليدية سواء التقنية أو المختصة بصنع السياسات، فالتحدي القائم حالياً ليس تحدياً تقنياً فحسب، بل تحدٍ في مدى القدرة على الانتقال بالأفكار والسلوكيات خاصة في المجال الاقتصادي نحو أطر جديدة، تستوعب الالتزامات الدولية التي فرضتها اتفاقيات المناخ، وكذلك الإستراتيجيات الموضوعة من جانب الحكومات الوطنية، كاستجابة وإدراك منها بأن قضية التغيرات المناخية باتت من قضايا العصر، بل أصبحت على رأس أولوياته.

وعن أثر تغير المناخ على الأمن الغذائي تحدث يونس لـ"جسور بوست"، موضحًا أن الدراسات العلمية تشير إلى أن تغير المناخ سوف يشمل تأثيره كل القطاعات، ويؤثر بعدة طرق على الزراعة والمسطحات الخضراء، بسبب ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع مستوى تركيز ثاني أكسيد الكربون، والتغيرات التي سوف تطرأ على معدلات سقوط الأمطار، وزيادة النباتات العشبية والضغوط التي سوف تمثلها الآفات والأمراض.

وفي دراسة له تحت عنوان "مصر واستحقاق COP27"، لعام 2022، أشار أستاذ الاقتصاد إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة تؤثر على المحاصيل حيث قد تمنعها من النمو بشكل كبير جدا في الأساس، كما يمكن لبعض الظواهر مثل: الفيضانات، والجفاف أن تضر بالمحاصيل وتقلل من الإنتاجية، على سبيل المثال، في عام 2008 فاض نهر المسيسبي في الولايات المتحدة قبل فترة الحصاد لبعض المحاصيل مما تسبب في خسارة تقدر بـ8 مليارات دولار للمزارعين.

 ويقول أستاذ الاقتصاد في الدراسة: "تزدهر الأعشاب الضارة والفطريات والآفات في ظل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وكذلك تزداد مستويات ثاني أكسيد الكربون، فعلى سبيل المثال ينفق المزارعون قرابة 11 مليار دولار سنوياً لمكافحة الحشائش الضارة في الولايات المتحدة، كما أن مكافحتها باستخدام المبيدات تؤثر سلباً على صحة الإنسان". 

تأثير الظاهرة على الأمن الغذائي المحلي والعالمي

ووفقًا للدراسة، فإن ظواهر المناخ تؤثر على الأمن الغذائي للبشر على مسارات مختلفة، كما هو الحال في ندرة المياه الإقليمية وتملح الأراضي الزراعية، تدمير المحاصيل من خلال الفيضانات، انقطاع الخدمات أثناء فترة الكوارث، وزيادة عبء الأمراض المعدية وغيرها، ويمكن للجفاف أن يتسبب في نقص وسوء التغذية كما أنه يقلل من التنوع الغذائي، ويقلل من إجمالي استهلاك الغذاء، وربما يؤدي ذلك إلى نقص المغذيات الدقيقة، وسوف يؤثر تغير أنماط الإنتاج الزراعي على إنتاج الغذاء، مما يؤثر بدوره على الإمدادات الغذائية على الصعيدين: العالمي والمحلي.

وكما نرى فإن نقص الغذاء في الدول المتقدمة يعوضه وجود موارد مالية تمكنهم من شراء ما يلزمهم من الدول الأخرى المنتجة، ولكن قلة الأمن الغذائي في الدول النامية أو الفقيرة يعرضهم لخطر أكبر، حيث لا يستطيعون تحمل شراء ما يلزمهم من غذاء من الخارج، في ظل عدم وجود إنتاج ما يبقيهم على قيد الحياة. 

الإضرار بالثروة الحيوانية

ويمكن للتغيرات المناخية أن تؤثر في الحيوانات بشكل مباشر وغير مباشر، حيث تشير الدراسة إلى أن موجات الحر على سبيل المثال تؤثر في الثروة الحيوانية بشكل مباشر، مما يزيد من تعريض الحيوانات للإصابة بالأمراض والحد من الخصوبة والحد من إنتاجية الألبان. 

كما أن موجات الحر الشديدة يمكن أن تهدد بجفاف المراعي أو حتى تقليل جودتها مما يؤثر على الإنتاجية، وقد وجدت بعض الدراسات أن جودة المراعي تتناقص بارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك فإن الماشية تكون بحاجة لتناول طعام أكثر للحصول على نفس الفوائد الغذائية.

أثر تغير المناخ على قطاع أمن الطاقة

رفع مستويات استهلاك الطاقة وتحميل المستهلكين أعباء إضافية، حيث تؤثر التغيرات في درجة الحرارة وسقوط الأمطار وتغير مستوى سطح البحر وتواتر وشدة الأحداث المناخية المتطرفة، على مقدار الطاقة المنتجة، وتوصيلها، واستهلاكها في مختلف أنحاء العالم. 

ومن المتوقع وفقا للدراسات المختلفة، أن تغير الزيادة في درجات الحرارة من مقدار استهلاكنا للطاقة، وكذلك قدرتنا على إنتاج الكهرباء بشكل جيد. 

ومن ناحية أخرى فإن زيادة استهلاك الكهرباء تزيد من الفواتير مستحقة الدفع خلال العام، مما يؤثر على الحالة الاقتصادية، وخاصة أن هذا الأمر يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية مما يؤدي إلى بعض المشاكل في الدول، الأمر الذي يمكن التعامل معه في الدول الغنية، ولا يمكن التعامل معه في الدول الفقيرة.

موقف مصر من التغيرات المناخية

وبين الدكتور محمد يونس أن الحكومة المصرية نفذت العديد من المشروعات ضمن رؤية وقائية، استعدادًا لانعكاسات محتملة لظاهرة المناخ عليها بأي صورة من الصور، وستكون حصيلة هذه المشروعات عملياً لمصر عندما تقف أمام دول العالم رصيدا كافيا في نوفمبر القادم، وتتحدث عن تجربتها في التعامل مع ظاهرة التغيرات المناخية، فمصر تجاوزت الأفكار نحو التنفيذ على أرض الواقع. 

 ومن هذه المشاريع، التكيف مع التغيرات المناخية بدلتا نهر النيل والسواحل الشمالية بمصر "المرحلة الأولى"، وبدأ تنفيذ المشروع عام 2010 وانتهى العمل بالمشروع عام 2017، بتمويل من مرفق البيئة العالي منحة 4 مليون دولار، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منحة 375 ألف دولار، الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ قدمت 12 مليون دولار مساهمات مادية ومساهمات عينية، كذلك قدمت الوكالة الكندية لتنمية البحوث مساهمات عينية بحوالي 600 ألف دولار. 

وكذلك تم تنفيذ عدد من أعمال الحماية ومشروعات تجريبية لحماية المناطق الأكثر تأثرا بارتفاع سطح البحر، وتعزيز قدرات التأقلم للنظم الطبيعية، إعداد عدد مدن الدراسات الفنية وتقديم مقترح عن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، تحليل الإطار التنظيمي والقدرات المؤسسية بالمناطق الساحلية، تعزيز نظم المعلومات والرصد بالمناطق الساحلية، تنفيذ عدد من البرامج التدريبية لرفع القدرات في مجالات حماية الشواطئ والتعامل مع آثار التغيرات المناخية.

 وتم تنفيذ المشروع بمحافظة كفر الشيخ "المشروعات التجريبية بطول حوالي 6 كم"، والسواحل الشمالية المصرية تم تغطيتها خال مقترح الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.

أيضًا من تلك المشاريع، التكيف مع التغيرات المناخية بدلتا نهر النيل والسواحل الشمالية بمصر "المرحلة الثانية"، وبدأ تنفيذ المشروع عام 2019 ومن المقرر انتهاؤه عام 2025.

وهو عبارة عن 35 منحة مقدمة من صندوق المناخ الأخضر بحوالي 3.31 مليون دولار، مساهمات عينية ومادية من وزارة الموارد المائية والري المصرية تقدر بحوالي 7.73 مليون دولار. 

وأوضح أستاذ الاقتصاد أن المشروع يستهدف حماية 5 مواقع في دلتا النيل قابلة للتأثر بشكل كبير بارتفاع مستوى سطح البحر لمسافة إجمالية 69 كيلومترا، ووضع خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية للسواحل الشمالية في مصر. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية